تابعونا

تم التحقق منه

خرق لمعطيات شخصية إدارية

اسفي

استهلال: ينص الفصل 24 من الدستور على "لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة".

حسب ما تناقلته العديد من المنابر الورقية والإلكترونية، عاشت عمالة آسفي وإحدى الملحقات الإدارية بالمدينة إضافة لأعوان السلطة، حالة استنفار، بعد تداول  صور التقطت لحاوية أزبال بإحدى الأزقة رُمِيْت فيها، بطريقة “عشوائية” ولا مسؤولة، وثائق اعتبرت سِرّية من ضمنها بطائق الناخب تتضمن معطيات شخصية لناخبين، وأوراق استُغلت في حمالات التصويت على دستور2011، وأخرى تخص مصالح المواطنين ومستندات لإحصائيات رسمية، علمًا أن أسماء عدد كبير من المواطنين وعناوينهم الشخصية كانت على ظهر بطائق الناخب أصبحت مرمية في الشارع، حيث جرى التخلص منها كما تُظهر الصور المتداولة، في ظروف لم يتم الكشف عن كافة تفاصيلها.

وأشارت مواقع إخبارية إلى أن هذه الواقعة أثارت حالة استنفار بمقر عمالة إقليم آسفي وبقسم الشؤون الداخلية فيها.

ومن المعلوم أن هذه الواقعة، التي حصلت في عدة مناسبات وعدة مدن لوثائق قطاعات حكومية مختلفة، ومرات قليلة بالنسبة لوثائق مصلحة إدارية تابعة لوزارة الداخلية، تطرح إشكالية التعامل مع الأرشيف في بلادنا وحماية المعطيات الشخصية. كما تشكل انتهاكا لحقوق الأشخاص الطبيعيين المعنيين ولحرمة مختلف الإدارات المعنية من قريب أو من بعيد.

وبالنسبة لبلادنا تجدر الإشارة من حيث النصوص القانونية الناظمة لهذا الأمر إلى ما يلي:

صدر سنة 2007 قانون للأرشيف، إعمالا لإحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، هو ظهير رقم 1.07.167 الصادر في 30 نوفمبر 2007 والقاضي بتنفيذ القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف، حيث ورد في مادته الأولى "يراد من مدلول هذا القانون بــ "الأرشيف" جميع الوثائق كيفما كان تاريخها وشكلها وحاملها المادي التي ينتجها أو يتسلمها كل شخص طبيعي أو معنوي وكل مصلحة أو هيئة عامة أو خاصة خلال مزاولة نشاطهم. ويتم تكوين هذه الوثائق وحفظها لأجل الصالح العام رعيا لما تستلزمه الحاجة إلى التدبير وإثبات حقوق الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون العام أو الخاص والبحث العلمي، ولما تقتضيه صيانة التراث الوطني. يتم حفظ رصيد الأرشيف المكون من لدن الأشخاص والهيئات المشار إليها في هذه المادة مع احترام تمامه وبنيته الداخلية. وورد في المادة الثانية "يعتبر كل موظف أو مُستخدم تابع للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، المشار إليهم في المادة 3 بعده، مسؤولا عن الوثائق التي أنتجها أو تلقاها أثناء ممارسة مهامه". وورد في الفقرة الأولى من المادة الثالثة: "تتمثل الأرشيف العامة في جميع الوثائق التي تكونها في إطار مزاولة نشاطها:

- الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العامة؛

- الهيئات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق من المرافق العامة فيما يتعلق بالأرشيف الناتجة عن نشاط هذا المرفق.

ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 18 فبراير 2009 بتنفيذ القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي؛

مرسوم رقم 2.09.165 صادر في 21 ماي 2009 لتطبيق القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي؛

أصدرت الأمانة العامة للحكومة سنة 2015، ضمن سلسلة "الوثائق القانونية المغربية" دليلا موضوعاتيا (من حوالي 90 صفحة) حول التكوين في مجالي التوثيق والأرشيف؛

المرسوم رقم 2.14.267 الصادر في 4 نونبر 2015 بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي؛

مرسوم تطبيقي للقانون 99.69 المتعلق بالأرشيف، يحتم على هيئات الدولة إسناد مهمة تدبير الأرشيف إلى موظفين يتوفرون على تكوين في مجال الأرشفة، إضافة إلى قانون الحق في الحصول على المعلومة؛

وفي 8 غشت 2017 صدر المرسوم رقم 2.17.384 الذي يقضي بإحداث المجلس الوطني للأرشيف ومن مهامه أن تُحدث لدى رئيس الحكومة هيئة استشارية تسمى «المجلس الوطني للأرشيف»، يتولى القيام بتتبع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية في مجال تكوين الأرشيف وحفظه وتنظيمه وحمايته وتثمينه، وذلك بتنسيق وثيق مع مؤسسة «أرشيف المغرب». ومن مهام المجلس التداول بشأن البرامج التي تقترحها السلطات الحكومية في مجال تنظيم الأرشيف المتعلق بالقطاعات التابعة لها، بتنسيق مع مؤسسة أرشيف المغرب؛

منشور لرئيس الحكومة صادر في 17 دجنبر 2018 بخصوص تفعيل برامج تدبير الأرشيف، يُذكِر بالنصوص الجاري بها العمل في هذا المجال، وفيه اعتراف صريح بتردي تدبير الأرشيف ببلادنا، جاء في إحدى فقراته "... لوحظ في الواقع العملي أن جل المصالح الإدارية بإدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمنشآت العامة لا تلتزم بمقتضيات قانون الآرشيف، ولا تعطي ما يلزم من عناية لهذا الموضوع الهام، ويستشهد منشور رئاسة الحكومة بحقيقة وقفت عليها مؤسسة أرشيف المغرب اعتبرت "أن وضعية الأرشيف بالإدارات العمومية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وأن ورش الأرشيف ببلادنا لم يلق الاهتمام الواجب".

وبالرجوع إلى واقعة آسفي فإن طريقة التخلص من الوثائق التي تم العثور عليها في الشارع ومضامينها فيها خرق خطير لمقتضيات قانونية تحمي المعطيات الشخصية وتشتغل عليها مؤسسة عتيدة هي "اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي"، التي ينظم اختصاصاتها القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي (ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 18 فبراير 2009 بتنفيذ القانون رقم 09.08).
كما تطرح هذه الواقعة المتعددة الدلالات التحديات التي تواجه عملية الأرشفة التي تكتسي أهمية استراتيجية، ليس فقط بالنسبة للإدارات والمؤسسات وإنما بالنسبة للوطن ككل، ولاسيما تقدير أهمية الأرشفة ومن يقومون بها أي الأرشيفي من موقعه كحافظ للذاكرة ووسيط بين الوثائق ومستعمليها وأصحابها، ولأنه ملزم بأن يحرص كذلك على تخطيط وتنفيذ إجراءات جمع ومعالجة وترتيب وحفظ وتصنيف الوثائق، ومن تم إتاحة الاطلاع عليها لأصحاب القرار والباحثين وعموم الجمهور.

كما تُطرح مسؤولية الدولة  على تَكْوين وحفظ التراث الوطني والإقليمي والمحلي، وعلى فعالية وشفافية الخدمات العمومية وحماية مصالحها ومصالح المواطنين، ويطرح إلى جانب ذلك تجاوز الاعتماد في كثير من الحالات على موظفين لم يتلقوا أدنى تكوين في مجال الأرشيف، وما قد يترتب عنه من تأزيم وضعية الأرشيف بالمؤسسات التي يشتغلون بها، نظرا لافتقارهم للمؤهلات والمهارات المطلوبة، وما واقعة آسفي إلا جزء ضئيل مما انكشف وانفضح، أما الخبايا وما تخفيه دهاليز مختلف الإدارات، فلا نعرف عنها الشيء الكثير وعما يترتب عنها من وقائع فضيعة ومصائب عظمى ومآسي إدارية واجتماعية واقتصادية وثقافية....
وبناء عليه يبقى من المستعجل أنّ تفتح رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية تحقيقا جديا في واقعة آسفي لتحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية لذلك، وأيضا الانكباب على الحلول التدبيرية ذات البُعد الاستراتيجي بما في ذلك تطبيق النصوص القانونية ذات الصلة وتقوية قدرات الموارد البشرية المعنية ببُعد نظر استراتيجي يستشرف تحديات المستقبل لاسيما مع تحولات الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، والتي لم تتغلغل بعدُ بالقدر الكافي في العديد من دواليب الإدارة المغربية، ولازالت تقاومها جيوب المقاومات المتعددة التي تستفيد من الوضع القائم.

انفاس بريس
تاريخ الخرق : Aug 28 2019

اترك تعليق
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليقات:
الكود الأمنى:
10 + 3 =

تقارير إضافية

رفض السراح لصاحب فيديو غش طريق جمعة سحيم

15:39 Feb 05, 2016

جمعة سحيم, Pachalik de Jamaat Shaim, إقليم أسفي, مراكش أسفي, المغرب, 16.26 Kms

Liberté provisoire pour le «héros de la vidéo de la route bâclée »

15:35 Feb 10, 2016

jemaat Shayme (province Safi, 17 Kms

À Safi, un journaliste dénonce des mesures de « représailles »

21:34 Apr 20, 2023

أسفي مراكش, 26.61 Kms

بن كيران يواصل اهانته للصحافيين

14:58 Mar 11, 2017

الوليديـة, caïdat de L’Oualidia, cercle de Zemamra, إقليم سيدي بنور, الدار البيضاء سطات, المغرب, 31.74 Kms